إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
خطبة الجمعة العطيف
8248 مشاهدة print word pdf
line-top
المبادرة بالأعمال الصالحة

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر، وأشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له على رغم أنف من جحد به وكفر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد البشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه السادة الغرر، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى واستمسكوا بلا إله إلا الله؛ فإنها العروة الوثقى، واحذروا المعاصي؛ فإن أبدانكم على النار لا تقوى، وتواضعوا لله؛ فإن من تواضع لله رفعه، ومن تكبر على الله وضعه، ومن زرع التقوى حَمِدَ عند الحصاد ما زرعه.
واعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين؛ فإن يد الله مع جماعة المسلمين، ومن شذ عنهم شذ في النار.
واعلموا -رحمكم الله- أن الدنيا دار ممر، وأن الآخرة هي دار المقر؛ فتزودوا من ممركم لمقركم، ولتأهبوا ليوم حسابكم وعرضكم على ربكم يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ، واعلموا أنكم غدا بين يدي الله موقوفون، وبأعمالكم مجزيون، وعن أفعالكم محاسبون، وعلى تفريطكم وإهمالكم نادمون، وعلى رب العزة ستعرضون؛ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم، وسوف يتخطى غيركم إليكم فخذوا حذركم.
واعلموا -رحمكم الله- أنكم في هذه الأيام؛ الأيام المعلومات التي أقسم الله تعالى بها في محكم الآيات، وأن العمل فيها أفضل من العمل في غيرها من أيام العام، ولا شك أن هذا يحث المسلم على أن يجد ويجتهد في الأعمال الصالحة؛ فمن ذلك: المحافظة على الصلوات، والمواظبة على الجماعات؛ بحيث يحرص المسلم على أن يكون من السابقين إلى المساجد؛ فإن السبق إليها يعتبر سبقا للخير، ذكر الله تعالى السبق في قوله تعالى: وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ فالذي يتقدم إلى المساجد وقت الأذان أو قبل الأذان، ويتقرب إلى الله تعالى بالذكر، ويتقرب بالنوافل، ويتقرب بالقراءة، ويتقرب بالدعاء، ويحتسب جلوسه عملا صالحا لانتظار الصلاة، ويعرف أن الملائكة تستغفر له ما دامت الصلاة تحبسه، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه.
في هذه الأيام يضاعف الله تعالى هذه النوافل، ويضاعف هذه الفرائض، ويزيد المتقرب بها أجرا وزكاة عند الله سبحانه وتعالى، كذلك أيضا يتقرب إلى الله بكثرة الصدقات مما أعطاه الله تعالى؛ فإن الله سبحانه وتعالى أعطاكم الكثير وأرضى، وطلب منكم القليل قرضا؛ أي أن الذي يتصدق ويعطي يعتبر ذلك قرضا لله سبحانه مع أنه هو الغني.. قال الله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ لا شك أن هذا حق للمسلم على أن يساعد بها في أن يمد للمحسنين، وأن يتصدق بما أعطاه الله ولو شيئا قليلا؛ فإن الحسنة تكون بعشر أمثالها، وقد تضاعف أضعافا كثيرة إذا وقعت موقعا شريفا.

line-bottom